بسبب الصين.. صدام مصالح بين المغرب وفرنسا على "خط التيجيفي"
يقف المغرب وفرنسا على خط "صدام المصالح" مرة أخرى، ولكن هذه المرة على المستوى الاقتصادي، وذلك بسبب الخط فائق السرعة الثالث المتوقع إنجازه بالمغرب، ويتعلق الأمر بخط مراكش أكادير، الذي يسعى المغرب إلى الاستعانة بالخبرة الصينية في إنجازه.
وترغب فرنسا في أن لا يخرج مشروع الخط المستقبلي من بين يديها، على غرار ما حدث مع الخط الأول الرابط بين طنجة والدار البيضاء، في الوقت الذي يريد فيه المغرب من خلال الاستعانة بالصينيين ضمان تخفيض كلفة المشروع مع ضمان السرعة في الإنجاز.
نحو عملاق جديد
ولا زال إنجاز خط القطار فائق السرعة الثالث بالمغرب بعيدا نسبيا، إذ لم يمر على إنجاز الخط الأول "البراق" سوى عام واحد، كما لم يبدأ بعد العمل في الخط الثاني الذي يُنتظر أن يربط الدار البيضاء بمراكش، لكن معطيات كثيرة تجعل الوصول إلى تلك المرحلة مسألة وقت فقط.
فمشروع الربط السككي بين مراكش وأكادير تمت الدعوة له من طرف الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، باعتباره ركيزة أساسية في تنمية جهة سوس ماسة، كما أن المكتب الوطني للسكك الحديدية وضعه ضمن رؤيته المستقبلة لتوسيع شبكة السكك الحديدية بالمغرب.
وكان ربيع لخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، قد أكد أن المغرب يضع الصين على رأس خياراته لإنجاز "تيجيفي مراكش أكادير"، مذكرا في لقاء عقده يوم 22 نونبر الماضي بمناسبة مرور عام على افتتاح القطار فائق السرعة "البراق" أن المملكة كانت قد وقعت مع جمهورية الصين الشعبية خلال زيارة الملك لها سنة 2016، مذكرة تفاهم تتعلق بالشراكة في التكوين في مجال السكك الحديدية والدراسات.
وأكد لخليع وجود مشاورات مع الصين حول هذا الموضوع، لكنه أبقى على إمكانية العودة إلى فرنسا أو الاستعانة بروسيا، معتبرا أن ما سيحسم ذلك هي الدراسات التي ستكشف عن كلفة المشروع وشكله، وبالتالي الجهة التي ستنفذه.
فرنسا تبدأ الضغط
ويبدو أن فرنسا تحاول الإبقاء على مشاريع الخطوط السككية السريعة بالمغرب مجالا محفوظا لاستثماراتها، حتى لو تم ذلك عن طريق ممارسة الضغط على المغرب، وهو ما كشفت عنه، الجمعة، صحيفة "القدس العربي" نقلا عن "مصادر مرتبطة بالقصر".
وأوردت الصحيفة أن فرنسا "بدأت الضغط على المغرب لكي يتخلى عن الصفقة مع الصين ويراهن على القطار الفرنسي السريع"، مشيرة إلى أن باريس توظف ملف الصحراء لانتزاع الصفقة، في الوقت الذي تساند فيه الولايات المتحدة الأمريكية الطرح الفرنسي لأسباب "جيوسياسية"، إذ تريد من حلفائها الابتعاد عن المشاريع التي تربطهم بالصين الدولة الراغبة في ريادة العالم.
غير أن المغرب في المقابل ينظر إلى الأمر من زاوية اقتصادية، إذ في الوقت الذي كلفه مشروع القطار الفائق السرعة الرابط بين طنجة والدار البيضاء، والذي أنجزته فرنسا، ما يقارب 3 ملايير يورو، فإن إنجاز خط مراكش أكادير قد يكلفه أقل من ذلك بكثير، بل إنه سيخفض التكلفة بـ50 في المائة مقارنة مع ما يتطلبه منح الصفقة لإحدى الدول الغربية.
بدأ "المناوشات"
وتعيد هذه المعطيات إلى الأذهان "المناوشات" التي بدأتها الحكومة الفرنسية تجاه المصالح الاقتصادية للمغرب مؤخرا، ومن أبرزها حديث وزير الاقتصاد الفرنسي برونو ليمير عن سعيه لاسترجاع استثمارات صناعة السيارات من المغرب إلى داخل فرنسا.
وكان لومير قد اعتبر، خلال حديثه مع مهنيي صناعة السيارات قبل أيام، أن تصنيع السيارات خارج فرنسا ثم إعادة تصديرها إليها "نموذج فاشل"، مشيرا بشكل ضمني إلى مصنعي "رونو" و"بيجو نيسان" المستقرين بالمغرب "، كما كشف عن بدأ دراسات من أجل نقل مصانع المجموعتين إلى بلاده مجددا.
غير أن الضغط الاقتصادي الفرنسي على المغرب، إلى جانب المناوشات السياسية وتحديدا تلك المتعلق بملف الصحراء الذي تعتبره الرباط القضية الوطنية الأولى، قد ينتهي بردة فعل لحماية المصالح المغربية، خاصة وأن فرنسا تعول كثيرا على التعاون الأمني مع المغرب وعلى جهوده في تأمين منطقة الساحل والصحراء من الحركات المسلحة.